خطبة الجمعة لـ ملا حسان الحجي في جامع (عمر بن عبد العزيز) في أبو حمام 14 – 1 – 2011م
بسم الله الرحمن الرحيم
(آفات اللسان )
قال الله تعالى (﴿ ﴾ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿ ﴾ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ...)
أيها الاحبة الكرام: في هاتين الآيتين يخبر الله – انه قد وكل بالانسان ملكين يكتبان عمله فكل منها عن اليمين وعن الشمال قعيد. اي : مترصد . مايلفظ أبن ادم من قول وما يتكلم بكلمة الا لديه رقيب عتيد يراقبها معتد لذلك يكتبها , لايترك كلمة ولا حركة . كما قال تعالى : (﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾) فسنتكلم اليوم – ان شاء الله – عن هذا الكلام الذي سيسجل علينا, وسنتحدث عن أداة الكلام الخطير,ألاوهي اللسان ,لنبين في ذلك فضيلة الصمتوافة الكلام فيما لايعني.*اعلم أنه ينبغي لكل مكلف ان يحفظ لسانه عن جميع الكلام الا كلاماً ظهرت فيه المصلحة , ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة,فالسنة الامساك عنه, لأنه قد ينجز الكلام المباح الى حرام أو مكروه؛وذلك كثير في العادة , والسلامة لا يعدلها شيء .
عن ابي هريرة – عن النبي صلى الله عليه وسلم – قال <<من كان يؤمن بالله واليوم الآخر, فيلقل خيراً , او ليصمت >>
> من هنا نلحظ خطورة اللسان وعظيم شأنه . فاللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة , فانه صغير جرمه , عظيم طاعته وجرمه , اذا لا يستبين الكفر والايمان الا بشهادة اللسان , وهما غاية الطاعة والعصيان
احفظ لسانك ايها الانسان ..................... لايلدغنك انه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه .......... كانت تهاب لقائه الشجعان
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم – في كثير من الأحاديث خطورة اللسان . ولزوم اخذ الحذر منه , فقد بينت الاحاديث ان اللسان من اشد الأخطار والمخاوف المحدقة بالانسان , عن سفيان بن عبدلله – قال : قلت يارسول الله حدثني بأمر اعتصم به . قال: قل ربي الله , ثم استقم .
قلت يارسول الله ماأخوف ماتخاف عليه ؟ فأخذ بلسان نفسه , ثم قال : هذا .
يروي سيدنا معاذ بن جبل – قال : قلت يارسول الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة , ويباعدني من النار ؟ قال : لقد سألت عن عظيم , وانه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لاتشرك به شيئاً , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال : ألا ادلك على ابواب الخير ؟ الصوم جنة , والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )) ثم قال : الا اخبرك برأس الامر , وعموده , وذروة سنامه قلت : بلى يا رسول الله , قال : رأس الامر الاسلام ,وعموده الصلاة, وذروة سنامه الجهاد ثم قال : الا اخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يارسول الله , فأخذ بلسانه فقال : كف عليك هذا , قلت : يارسول الله وانا لمؤاخذون بمانتكلم به؟ فقال: ثكلتك امك ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم او على مناخيرهم الا حصائد ألسنتهم ؟
*بل قد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم الجنة لمن حفظ لسانه , عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - : من يضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه اضمن له الجنه .
إذاَََََََََ فالنجاة والخلاص والامانة في حفظ اللسان , عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت يارسول الله ما النجاة ؟ قال : امسك عليك لسانك , وليسعك بيتك , وأبكي على خطيئتك
* قال بعضهم : مثل اللسان مثل السبع , ان لم توثقه عدا عليك ولحقك شره .
احفظ لسانك لاتقول فتبتلي .................. ان البلاء موكل بالمنطق
ومن امثله العرب وحكمها : مقتل الرجل بين فكيه .
ولنستزيد في ذلك لنذكر بعض الاحاديث والاثار التي تبين فضيلة الصمت : ففي الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم << من صمت نجا >>– وقوله- << من كان يؤمن بالله واليوم الأخر , فليقل خيرا , أو ليصمت >>
ويروى من وصايا سيدنا علي – يابني , العافية عشرة اجزاء : تسعة منها في الصمت الا عن ذكر الله تعالى وواحدة في ترك مجالسة السفهاء وقال الشاعر :
الحلم زين والسكوت سلامة ...................... فاذا نطقت فلا تكن مكثارا
ما ندمت على سكوتي مرة ............. لكن ندمت على الكلام مرارا
وقال بعض الحكماء : خطي من الصمت لي ونفعه مفصور علي , وحظي من الكلام لغيره ووباله راجع علي . اذا فحفظ اللسان وترك الكلام فيما لايعني من خير خصال المسلم , لان في حفظ اللسان , حفظ الدين , وحفظ الاعراض , وحفض الاموال لذا كان حفظ اللسان من اهم شعب الايمان عن ابي موسى- قال : قلت يارسول الله اي المسلمين افضل ؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده (وفي رواية ) : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ومما يدل على اهمية حفظ اللسان , ان هلاك العبد ودماره قد يكون في كلمة يتلفظ بها لسانه لايهتم بها ولا يلقي لها بالا , يسخط الله بها فيدخله النار وعن ابي هريرة رضي الله عنه انه سمع النبي – يقول : ان العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها – اي : ما يتفكر انها خير ام لا . – يزل بها الى النار ابعد مما بين المشرق والمغرب وعنه فنجاتك وسلاماتك في حفظ لسانك , والهلاك والثبور في اطلاق العنان للسان يصول ويجول في آفاتة الخطرة من كذب وغيبة وشهادة زور ونميمة وسباب وكفر ..................... وعيرها كثير
قال ابوالدرداء : أنصف أذنيك من فيك, فأنما جعل لك أذنان اثنان وفم واحد لتسمع اكثر مما تقوله وما اجمل ما قاله الامام جعفر الصادقرضي الله عنه :
يموت الفتى من عثرة بلسانه ................... وليس الموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه ترمي براسه ..........................وعثرته بالرجل تبرا على مهل
جعلني الله واياكم من الذين يحفظون السنتهم وجوارحهم عما نهى الله ويستعملونها فيما امر الله
اقول قولي هذا واستغفر الله ...............