الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة ولد سليمان التي هي من أفخاذ قبيلة عنزة الكبيرة له شأن بين قبائله ورئاسته لهذ القبيلة عريقة مطاعا بين أفراد القبيلة شجاعا ومشهورا بفروسيته وشاعرا مجيدا ، أشعاره حماسية ...وكثير الفخر وكان محترما حتى عند اعدائه ، وله أبناء كثيرون ، ولكن لم يشتهر منهم سوى ابنيه عقاب حجاب ، وهما شقيقان ، وشهرة عقاب قد زادت على شهرة ابيه وكان من الابطال القلائل بنجد..
وقبل أن يبرز ابناه وقبل أن يبلغا سن الرجولة ، حصل بين الشيخ سعدون ، وبين زوجته، والدة عقاب وحجاب خلاف أدى الى طلاقها وذهبت الى اهلها في بلاد سوريا ومعها ابناها وهي من قبيلة الفدعان من عنزة ، وكان اخوال الشابين عقاب وحجاب شهورين بين افراد قبيلة الفدعان ، وقد تربيا عند اخوالهما احسن تربية وعندما بلغا سن الرجولة خيلوهما وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل ، وقد اتلف حوليهما بعض من جماعتهما ( ولد سليمان) من النازحين معهما بسوريا مع قبيلة الفدعان واصبح عقاب وحجاب يترأسان قسما من عشائرهما في سوريا ، اما الشيخ سعدون بقي شيخا لجماعته(ولد سليمان) بنجد ، الى أن برز شخص من ابناء عمه يسمى شامخ العواجي ، وأخذ ينازع سعدون الزعامة ، ويعرقل نفوذه ، وأخيرا استفحل امره ، الى ان خفر ذمام سعدون مرارا وتكرارا مستهترا بأوامر الشيخ ، وأخذ يتحداه في كل مناسبة ويقلل من قيمته عند القبيلة ويضع العراقيل في وجهه ، وأخيرا أخذ مكان سعدون وتزعم القبيلة ، وأخذ يعامل الشيخ سعدون معاملة سيئة ، وقد وصل به الامر الى ان حقره ، وحظر عليه أن يورد ابله على اي منهل ترده قبائل ( ولد سليمان ) قبل أن ترد ابل شامخ وابل كل القبيلة ، ولم يجد الشيخ سعدون من قبيلة (ولد سليمان ) أي نصير ، أو سند يدفع عنه الضيم وبقي بينهم يتجرع ويلات الذل ،، وقد قال أشعارا بهذا كثيرة ، وهذه بعض اشعاره :
لقد تألم بهذه القصيدة وذكر الدنيا وتذكر ركوبه للخيل وانه يرجع علىالخيل الكاره ويهزم السابقات من خيل الأعداء وينقذ من تخلفت به جواده من رفاقه انه لايستحق المعسرات لأنه اصبح العوز به ضاراً حتى انه لايستطيع ان يجد مايحمل عليه امتعته ثم رجع الى ربه وطلب من الفرج وقال هو الذي بأمره تجري الكائنات ثم تذكر ابنه عقاباً واشاد به واشاد به وأخذ يسال عنه وقال من الذي ينثر الاحمر؟ يقصد دماء الابطال اين الذي يرعب الخيل ويكدر صفوها؟ أين الذي من زأرته تنفر الصافنات ، ويدخل الرعب في قلوبها وقلوب فرسانها ؟ انه عقاب الخيل ، ومشبع الطير من لحومهم .
ثم اردف بهذه القصيدة بين فيها انه راحل ليفارق شامخاً وغطرسته وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه يجمع امتعته ويحملها على رواحله اخذوا يلومونه وحاولوا ان يثنوا عزمه ولكنه اصر على الرحيل وقال في قصيدته ان شامخاً لاينصاع للحق لذلك فهو سيبتعد عنه ويعالج آلمه بالفراق لأن في البعد سلوى له
ولكن هذا لم يكن به حل لامره فهو اذا ابتعد عن قبيلة ولد سليمان سيكون لاجئاً عند احدى القبائل وهذا يرى ان فيه نقصاً عليه بعد العز الرفيع الذي كان عائشاً فيه واذا انفرد وحده في فيافي نجد فسوف يكون لقمة سائغة لبعض الغزاة الصعاليك وهو لايستطيع وحده حماية نفسه ولذلك فقد رجع بعد أن رحل مرغما بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون الرجل الطيب الوقور الشجاع جرى هذا كله على سعدون وابناه عقاب وحجاب عند اخوالهما بالأراضي السوريه ولهما مخصصات عند الدولة العثمانيه مثل بقية مشائخ عنزة الموجودين بسورية والمواصلات كانت بينهم مقطوعة واخيراً لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه ان يكتب لأولاده ويشكو إليهم ويخبرهم باعتداء شامخ على جميع سلطاته وخفر ذمامه وإهانته بين قبائل نجد فكتب سعدون لابنيه هذه القصيدة :
عند الفضيله عد يومين بحساب = أول قراهم قول يا ضيف حِييت
حر ٍ صغير ٍ وتوّ ما شق له ناب = وعقب القِرا ودّع رجال ٍ لهم صيت
وليا ركبته ضرّبه خل الاجناب = وانحر لنجم الجدي وإن كان مديت
واسلم وسلّم لي علي عقاب وحجاب = سلّم على مضنون عيني الى ألفيت
بالحال خص عقاب فكاك الأنشاب = ينجيك كان انك عن الحق عديت
قل له ترا ( شامخ ٍ ) شمخ عقب ما شاب = ويا عقاب والله ذلّلوني وذليت
ويا عقاب حدّوني على غير ما طاب = وقالوا تودّر من ورا الماء وتعديت
من عقب ماني سترهم عند الأجناب = وليا بلتهم قالة ٍ ما تتقيت
ما دام شامخ مالك ٍ جرد الأرقاب = لو زيّن الفنجال لي ما تقهويت
يا عقاب حَط بثومة القلب مخلاب = من العام في نوم العرب ما تهنّيت
الجفن عن نوم الملا فيه نتّاب = وعدّ الطعام مدوّس ٍ به حلاتيت
عقب المعزّه صرت يا عقاب مرعاب = والناس حيين ٍ وانا عقبكم ميت
من الضيم يا عقاب السرب عارضي شاب = وادويت من كثر العنا واستخفيت
فاتن ثلاث سنين والنوم ما طاب = وشكواي من صدري عبار وتناهيت
البيت ما يبنى بلا عمد وأطناب = متي يجينا عقاب يبني لنا البيت
مالي جدا إلا عضّة البهم بالناب = وراعيت كثر الحيف بالعين واغضيت
ارجي بشير الخير مع كل هبّاب = ومتى يجونا اخوان ( نمشه ) على الصيت
يـوبعد ان وصلت هذه القصيدة لابنيه عقاب وحجاب ثارت ثائرة عقاب وأمر أخاه ان يهيئى نفسه للرحيل من بلاد سورية ويترك مقرراته التي استحصل عليها من دولة الأتراك هناك ، مادام أن والدهما قد لحق به الأمر ثم قال عقاب هذه الابيات مناجيا صديقه عيداً وكان عيد هذا يمتلك فرسا ليست من الخيل الاصائل ، وأشار عليه عقاب بالقصيدة أن يبيعها ، لانهم ذاهبون الى نجد ، وليس في نجد الا الخيل العتاق ، والرماح والطعن ، وخشي على صديقه عيد أن يخوض معمعة على جواده الهجين ويكون ضحية بالميدان أو ينهزم ، ثم يعد من الجبناء ، وقال يا صديقي عيد سأهدي اليك أول جواد أصيل آخذها غنيمة في أول معركة نخوضها بنجد :