[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن تبين لزوجتك أن الإسلام لم يبح للرجل تعدد الزوجات في جميع الحالات، وإنما أباح ذلك له بشرط أن تتوفر قدرته المالية والبدنية، وبشرط أن لا يخشى عدم العدل إذا جمع بين أكثر من امرأة، قال سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}.
ثم ننبهك إلى بعض حِكَم تعدد الزوجات (مختصرة عن موضوع للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد (المشرف العام على موقع دعوة الإسلام)، وذلك على النحو التالي:
1- أن الإسلام حرم الزنا، وشدد في تحريمه؛ لما فيه من المفاسد العظيمة التي تفوق الحصر والعد، والإسلام حين حرم الزنا وشدد في تحريمه فتح بابا مشروعا يجد فيه الإنسان الراحة، والسكن، والطمأنينة ألا وهو الزواج، حيث شرع الزواج، وأباح التعدد فيه. ولا ريب أن منع التعدد ظلم للرجل وللمرأة؛ فمنعه قد يدفع إلى الزنا؛ لأن عدد النساء يفوق عدد الرجال في كل زمان ومكان، ويتجلى ذلك في أيام الحروب؛ فقصر الزواج على واحدة يؤدي إلى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج، وذلك يسبب لهن الحرج، والضيق، والتشتت، وربما أدى بهن إلى بيع العرض، وانتشار الزنا، وضياع النسل.
2- أن الزواج ليس متعة جسدية فحسب: بل فيه الراحة، والسكن، وفيه-أيضا-نعمة الولد، والولد في الإسلام ليس كغيره في النظم الأرضية؛ إذ لوالديه أعظم الحق عليه؛ فإذا رزقت المرأة أولادا، وقامت على تربيتهم كانوا قرة عين لها؛ فأيهما أحسن للمرأة: أن تنعم في ظل رجل يحميها، ويحوطها، ويرعاها، وترزق بسببه الأولاد الذين إذا أحسنت تربيتهم وصلحوا كانوا قرة عين لها؟ أو أن تعيش وحيدة طريدة ترتمي هنا وهناك؟.
3- أن نظرة الإسلام عادلة متوازنة: فالإسلام ينظر إلى النساء جميعهن بعدل، والنظرة العادلة تقول بأنه لا بد من النظر إلى جميع النساء بعين العدل.
إذا كان الأمر كذلك؛ فما ذنب العوانس اللاتي لا أزواج لهن؟ ولماذا لا ينظر بعين العطف والشفقة إلى من مات زوجها وهي في مقتبل عمرها؟ ولماذا لا ينظر إلى النساء الكثيرات اللواتي قعدن بدون زواج؟.
أيهما أفضل للمرأة: أن تنعم في ظل زوج معه زوجة أخرى، فتطمئن نفسها، ويهدأ بالها، وتجد من يرعاها، وترزق بسببه الأولاد، أو أن تقعد بلا زواج البتة؟.
وأيهما أفضل للمجتمعات: أن يعدد بعض الرجال فيسلم المجتمع من تبعات العنوسة؟ أو ألا يعدد أحد، فتصطلي المجتمعات بنيران الفساد؟.
وأيهما أفضل: أن يكون للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع؟ أو أن يكون له زوجة واحدة وعشر عشيقات، أو أكثر أو أقل؟.
4- أن التعدد ليس واجبا: فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون؛ فطالما أن المرأة تكفيه، أو أنه غير قادر على العدل فلا حاجة له في التعدد.
5- أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل: وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة؛ فهي غير مستعدة للمعاشرة في كل وقت، ففي الدورة الشهرية مانع قد يصل إلى عشرة أيام، أو أسبوعين كل شهر.وفي النفاس مانع-أيضا-والغالب فيه أنه أربعون يوما، والمعاشرة في هاتين الفترتين محظورة شرعا، لما فيها من الأضرار التي لا تخفى. وفي حال الحمل قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج، وهكذا. أما الرجل فاستعداده واحد طيلة الشهر، والعام؛ فبعض الرجال إذا منع من التعدد قد يؤول به الأمر إلى سلوك غير مشروع.
6- قد تكون الزوجة عقيما لا تلد: فيحرم الزوج من نعمة الولد، فبدلا من تطليقها يبقي عليها ويتزوج بأخرى ولود.
7 - قد تمرض الزوجة مرضا مزمنا: كالشلل وغيره، فلا تستطيع القيام على خدمة الزوج؛ فبدلا من تطليقها يبقي عليها، ويتزوج بأخرى.
8- قد يكون سلوك الزوجة سيئا: فقد تكون شرسة، سيئة الخلق لا ترعى حق زوجها؛ فبدلا من تطليقها يبقي الزوج عليها، ويتزوج بأخرى؛ وفاء للزوجة، وحفظا لحق أهلها، وحرصا على مصلحة الأولاد من الضياع إن كان له أولاد منها.
9- أن قدرة الرجل على الإنجاب أوسع بكثير من قدرة المرأة: فالرجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد الستين، بل ربما تعدى المائة وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
أما المرأة فالغالب أنها تقف عن الإنجاب في حدود الأربعين، أو تزيد عليها قليلا؛ فمنع التعدد حرمان للأمة من النسل.
10- أن في الزواج من ثانية راحة للأولى: فالزوجة الأولى ترتاح قليلا أو كثيرا من أعباء الزوجية؛ إذ يوجد من يعينها ويأخذ عنها نصيبا من أعباء الزوج.
ولهذا، فإن بعض العاقلات إذا كبرت في السن وعجزت عن القيام بحق الزوج أشارت عليه بالتعدد.
11- التماس الأجر: فقد يتزوج الإنسان بامرأة مسكينة لا عائل لها، ولا راع، فيتزوجها بنية إعفافها، ورعايتها، فينال الأجر من الله بذلك.
12- أن الذي أباح التعدد هو الله-عز وجل-: فهو أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم.
وهكذا يتبين حكمة الإسلام، وشمول نظرته في إباحة التعدد، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا التسليم والرضا بأوامر الله، وقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير.
وإذا تقرر لزوجتك جميع ما ذكر، فنبهها على أن الإسلام –رغم إباحته للتعدد بالشروط المذكورة- فإنه قد أمر بحسن العشرة مع الزوجة، ومن حسن العشرة أن لا يجمع بينها وبين زوجة أخرى إذا كان يعرف أن ذلك سيكون أكبر من قدر تحملها.
ومن هنا نريد منك أنت أن تعد زوجتك على أنك لن تأخذ زوجة أخرى إلا بموافقتها هي على ذلك، ليزيد ذلك من رغبتها في الإسلام، فإنك إذا وفقت إلى توفير الظروف التي تجعلها تقتنع بالإسلام، دخلت فيما بشر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله كما في الصحيحين: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
والله أعلم.
منقول عن مركز الفتوى في المملكة العربية السعودية